تشهد العلاقات الجزائرية الفرنسية في عام 2025 تصعيدًا دبلوماسيًا خطيرًا وغير مسبوق، تجلّى في تبادل طرد الدبلوماسيين، واعتقال شخصيات بارزة، وتصاعد التوتر حول قضايا حساسة مثل الهجرة والذاكرة الاستعمارية.
بدأت شرارة هذه الأزمة في مارس الماضي، حين أصدرت محكمة جزائرية حكمًا بالسجن خمس سنوات على الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال، بتهمة المساس بالوحدة الوطنية، بعد تصريحات اعتُبرت داعمة للمغرب في نزاع الصحراء الغربية. وأثار هذا الحكم استياء السلطات الفرنسية التي عبّرت عن أسفها ودعت إلى الإفراج عنه. وفي أفريل 2025، ألقت السلطات الفرنسية القبض على مسؤول قنصلي جزائري في باريس على خلفية ملف يتعلق بالناشط الجزائري الفرنسي أمير بوحورص المعروف بأمير DZ. وردت الجزائر بطرد 12 دبلوماسيًا فرنسيًا، لتقوم فرنسا بالمثل وتستدعي سفيرها لدى الجزائر. وفي تصعيد إضافي، أمرت الجزائر في ماي 2025 بطرد 15 دبلوماسيًا فرنسيًا آخرين، متهمةً إياهم بشغل مناصب غير رسمية. ووصفت فرنسا القرار بـغير المبرر، حيث تعهّد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو بردّ حازم وفوري ومتناسب.
وتعكس هذه الأزمة تراكمات قديمة في العلاقات الثنائية، على رأسها ملف الهجرة غير النظامية، إذ هددت فرنسا بمراجعة اتفاقية الهجرة الموقعة عام 1968 والتي تمنح الجزائريين امتيازات خاصة، بسبب رفض الجزائر استقبال رعاياها المرحلين. وقد ردّت الجزائر بأن أي مساس بهذه الاتفاقية سيُعد تجاوزًا غير مقبول. كما يُعتبر ملف الذاكرة الاستعمارية أحد أبرز بؤر التوتر، خاصة مع إحياء الجزائر ذكرى مجازر 8 ماي 1945، التي تعيد إلى الأذهان مآسي الماضي الاستعماري الفرنسي في البلاد. وبالإضافة إلى ذلك، زاد موقف فرنسا الداعم للمغرب في قضية الصحراء الغربية من تعقيد العلاقات، حيث ترى الجزائر في ذلك تهديدًا مباشرًا لمصالحها الإقليمية. كل هذه العوامل مجتمعة وضعت العلاقات بين باريس والجزائر على صفيح ساخن، في انتظار ما إذا كانت هناك إرادة حقيقية من الجانبين لتجاوز الأزمة وفتح صفحة جديدة مبنية على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.