تستقبل الرئاسة الفرنسية هذه الأيام الرئيس الانتقالي السوري أحمد الشرع في زيارة أثارت جدلاً سياسيًا واسعا في فرنسا، حيث يعتبر بعض المعارضين أن استقبال الشرع يسيء إلى صورة فرنسا ويثير الشكوك حول التزامها في مكافحة التطرف.
وبفضل مفاوضات سرية للمخابرات الفرنسية دامت بعض الأشهر، دخل، يوم الأربعاء 7 ماي 2025، الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع قصر الإليزيه، الذي كان معروفا سابقًا باسم أبو محمد الجولاني وكان يقود جبهة النصرة، في فرعه السوري لتنظيم القاعدة. ولقد أُدرج الجولاني على قائمة العقوبات الأممية كإرهابي حيث لإتمام ضيافته في قصر الإيليزيه، قدمت فرنسا طلبًا للأمم المتحدة لاستثناء الشرع من حظر السفر المفروض عليه. وبينما يؤكد الشرع تخليه عن الفكر الجهادي، أعربت أجهزة الاستخبارات الأمريكية عن قلقها من هذه الخطوة وبرر الرئيس ماكرون هذا اللقاء بأنه جزء من عملية انتقال سياسي في سوريا، مشيرًا إلى الدور التاريخي لفرنسا في المنطقة. ويعد أحمد حسين الشرع، شخصية بارزة في الحركات الجهادية في سوريا والعراق وعلى مدار عقدين ارتبط اسمه بعدة أنشطة وتصرفات أثارت جدلاً واسعًا. ولقد شارك في القتال في العراق ضد القوات الأمريكية عندما انضم إلى تنظيم القاعدة في العراق التي كانت تحت سيطرة أبو بكر البغدادي. كما أسس جبهة النصرة في عام 2011، ثم أصبحت لاحقًا قوة بارزة في الصراع السوري.
لكن في عام 2016 انفصلت جبهة النصرة عن القاعدة ليتغير اسمها إلى جبهة فتح الشام، وهي محاولة لتقديم صورة أكثر اعتدالًا ولكسب دعم محلي ودولي. ولقد شارك الجولاني في تفجيرات حمص (فيفري 2017) أين نفذت هيئة تحرير الشام، تحت قيادته، هجمات انتحارية استهدفت مقرات أمنية في مدينة حمص، مما أسفر عن مقتل عشرات الضباط، بمن فيهم شخصيات بارزة في أجهزة الاستخبارات السورية. وشارك الجولاني أيضا في تفجيرات دمشق (مارس 2017) عندما شنت الهيئة هجمات مزدوجة في منطقة باب الصغير بدمشق، واستهدفت زوارًا شيعة، وأدت العملية إلى مقتل 76 شخصًا، وإصابة أكثر من 120 آخرين. في عام 2017، أعادت جبهة فتح الشام تشكيل نفسها تحت اسم هيئة تحرير الشام، محاولةً تقديم نفسها كقوة محلية ذات أهداف سياسية، رغم استمرارها في تبني أيديولوجية سلفية جهادية. وبعد سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024، أصبح الجولاني، يحمل اسمه الحقيقي أحمد الشرع، وأخذ منصب رئيسًا مؤقتًا لسوريا، محاولًا إعادة تشكيل صورته كقائد سياسي بدلاً عن زعيم جهادي. ولقد أدرجت الولايات المتحدة الجولاني على قائمة الإرهابيين منذ عام 2013، وفرضت عليه عقوبات، بما في ذلك مكافأة مالية كبيرة لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض عليه. ورغم محاولاته لتغيير صورته، إلا أن لا تزال العديد من الدول والمنظمات تعتبره شخصية مثيرة للجدل، نظرًا لتاريخه الطويل في الحركات الجهادية والعمليات العسكرية.