في خضم التحديات الجيوسياسية والضغوط الاقتصادية المتصاعدة، تتبنى إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سياسة تجارية هجومية تتراوح بين التلويح بالحماية الجمركية والانفتاح الانتقائي المدروس. وفي أقل من 48 ساعة، شهدت الساحة الدولية سلسلة من التحركات الأميركية تجاه شركاء اقتصاديين كبار الصين، والمملكة المتحدة، وأوكرانيا، كشفت عن ملامح استراتيجية جديدة تسعى إلى إعادة رسم موازين التجارة العالمية بما يخدم المصالح الأمريكية أولًا.
وفي يوم 9 ماي 2025، أعلن الرئيس دونالد ترامب عن استعداده لخفض الرسوم الجمركية على الواردات الصينية من 145% إلى 80%، واصفًا هذا المعدل بأنه مناسب. وتأتي هذه الخطوة قبيل محادثات تجارية مرتقبة في سويسرا بين مسؤولين أمريكيين وصينيين. على الرغم من أن البيت الأبيض أوضح أن أي تخفيضات ستعتمد على تنازلات متبادلة، فإن هذه المبادرة تشير إلى رغبة في تهدئة التوترات التجارية بين البلدين. وكان قد أعلنت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في 8 ماي 2025، عن إطار أولي لاتفاق تجاري يتضمن الاتفاق إعفاء الصادرات البريطانية من الصلب والألمنيوم من الرسوم الجمركية الأمريكية البالغة 25%، وتخفيض الرسوم على السيارات البريطانية إلى 10% لأول 100,000 مركبة.
وفي المقابل، وافقت المملكة المتحدة على رفع القيود عن واردات اللحوم والإيثانول الأمريكية. على الرغم من أن معظم السلع البريطانية ستظل خاضعة للرسوم الجمركية الأمريكية الأساسية بنسبة 10%، إلا أن هذا الاتفاق يُعد خطوة إيجابية نحو تعزيز العلاقات التجارية بين البلدين. أما بالنسبة لأوكرانيا، ففرضت الولايات المتحدة رسومًا جمركية بنسبة 10% على معظم الواردات، بما في ذلك الواردات الأوكرانية، مما زاد من التحديات الاقتصادية التي تواجهها أوكرانيا في ظل النزاع المستمر. مع ذلك، شهدت العلاقات الثنائية تطورات إيجابية، حيث تم توقيع اتفاق بشأن الموارد المعدنية يهدف إلى تعزيز التعاون في استغلال الموارد الطبيعية الأوكرانية. كما وافقت الولايات المتحدة على صفقة بيع بقيمة 310 ملايين دولار تشمل قطع غيار طائرات F-16 وخدمات دعم فني لأوكرانيا، مما يعكس استمرار الالتزام الأمريكي بدعم أمن كييف. وتُظهر هذه التطورات أن إدارة ترامب تتبع نهجًا تجاريًا يوازن بين الحماية الاقتصادية والانفتاح الانتقائي، مع التركيز على تعزيز المصالح الأمريكية في ظل التحديات العالمية المتزايدة.